محمد عبدالرحمن
١٠ نوفمبر ٢٠٢٥
● كسوف القرن الـ 21 ( يوم 2 أغسطس2027 ) ● 🌒🔭👁
● “مِسوت رع” : ولادات رع ● ☀️🤱
يوم 2 أغسطس سنة 2027 سكان الشرق الأوسط على موعد مع كسوف كُلى للشمس هيستمر لمدة 6 دقائق و 20 ثانية و ده أطول كسوف كُلى للشمس خلال القرن الـ 21 (أطول مدة ممكن يستغرقها كسوف للشمس هى 7 دقائق و 30 ثانية) , عشان كده البعض أطلق عليه اسم “كسوف القرن الواحد و عشرين” 🔭 .
مسار الكسوف بيعبُر فوق منطقة شمال أفريقيا و فيه مدن كتيرة هتشوفه , لكن أفضل مكان لمشاهدة الحدث بوضوح و لأطول فترة ممكنة هو مدينة الأقصر . بعض المتخصصين فى تنظيم البرامج السياحية بدأوا بالفعل التجهيزات اللازمة لحجز الفنادق و الترويج لرحلات تم إعدادها للمهتمين بالظواهر الفلكية عشان يستمتعوا بمشاهدة الكسوف و فى نفس الوقت يستفيدوا من وجودهم فى مدينة الأقصر اللى بتُعتبَر واحدة من أهم الوجهات السياحية فى العالم .
الحشود المتواجدة فى الأقصر لمشاهدة الكسوف أكيد هيكون عندها فضول تعرف إزاى المصريين القدماء سجّلوا الحدث ده و عبّرو عنه فى المناظر الفنية , و خصوصاً إن العقل المصرى معروف بشغفه الزائد بعلم الفلك .
قبل ما نجاوب على السؤال ده لازم الأول نعرف إن دورات الزمن بتتولد نتيجة حركة الأجرام السماوية ؛ و خصوصاً الشمس و القمر ☀️🌙 .
حركة القمر بتخلق الشهر , و حركة الشمس بتخلق اليوم و السنة . القمر بيتولد مرة واحدة كل شهر , بعكس الشمس اللى ليها ولادات كتيرة بيتقال عليها “مِسوت رع” , يعنى “ولادات رع” . هو رع كده , كل ما يلاقى نفسه زهقان يروح يتولد من جديد 🥰 .
رع بيتولد مرة كل يوم (بيموت لحظة الغروب و يرجع يتولد مع الفجر) , و مرة كل سنة بعد الإنقلاب الشتوى (فى أواخر شهر كيهك) و دى الولادة اللى كان بيُحتفَل بيها فى مصر القديمة تحت مُسمَى “عيد قيامة أوزير” , و هى فى الحقيقة احتفال ببداية السنة الشمسية ☀️ .
فيه ولادة تالتة كمان بتحصل لـ “رع” كل سنة و بتتزامن مع الظهور الإحتراقِى لنجمة الشعرى بعد اختفاءها تحت خط الأفق لمدة 70 يوم . فى اليوم ده رع بيتولد من جديد فى نفس اللحظة اللى بتتولد فيها “سوبدِت” ✨ (نجمة الشعرى) و اللى ظهورها بيُعتبَر بداية السنة النجمية المصرية و بعدها على طول بييجى الفيضان 💦 .
بالإضافة للولادات التلاتة السابقة فيه ولادة رابعة بتحصل بعد كل كسوف للشمس 🌚 . صحيح الكسوف لا يُعَد بداية للسنة (زى ما بيحصل فى الإنقلاب الشتوى و بداية السنة النجمية) , لكن ده لا يمنع كونه صورة من صور ولادات رع .
من المناظر النادرة اللى الفنان المصرى عبّر فيها عن الفكرة دى منظر جميل من تابوت بيرجع لعصر الإنتقال التالت (حوالى 1000 سنة قبل الميلاد) , معروض حالياً فى متحف لايدن فى هولندا لشخص اسمه “بن-بى” من الأقصر .
المنظر متقسم لـ 3 مستويات . فى المستوى السفلِى بيظهر قُرص شمس جواه عين الـ “وِجات” (العين الكاملة) و فوقه قُرص شمس مُجنَح لونه أسود , و ده لون من النادر استخدامه مع قرص الشمس 🧐 .
ظهور قُرص الشمس باللون الإسود فيه إشارة واضحة لإرتباط المشهد بظاهرة الكسوف . و ظهور عين الـ “وِجات” تحت الشمس السوداء معناه إن ولادة الشمس بعد الكسوف هى إعادة تكرار لحدث أسطورى . الحدث ده هو استعادة حورس لعينه اللى فقدها أثناء صراعه مع غريمه “سوتِخ” (سِت) .
فى المستوى العُلوِى بنشوف قُرص شمس أحمر طالع من عَمود “دجِد” واقف فى وضع رأسى , و دى الطريقة اللى الفنان المصرى كان بيستخدمها للتعبير عن ولادة الشمس بعد الإنقلاب الشتوى و اللى بيحتفل فيه المصريين بطقسة إقامة عَمود الـ “دجِد” . و فى المنتصف بتظهر “نوت” (السماء) فى وضع الجلوس و هى فاردة جناحها و فوق راسها قرص شمس أحمر خارج منه جعران (رمز الولادة من جديد) 🐞 .
هنا المشهد بيجمع بين ظاهرتين فلكيتين ؛ الأولى (فوق , فى المستوى العُلوِى) هى ولادة رع بعد الإنقلاب الشتوى , و التانية (تحت , فى المستوى السفلِى) هى ولادة رع بعد انتهاء ظاهرة الكسوف .
الجمع بين الظاهرتين فى مشهد واحد و تصوير “نوت” فى المنتصف معناه إن الإتنين اجتمعوا فى سماء واحدة . بعبارة أخرى , فيه كسوف للشمس حصل بالتزامن مع الإنقلاب الشتوى فى العصر اللى عاش فيه صاحب التابوت , و هو على الأرجح كان واحد من الكهنة الفلكيين اللى رصدوا الظاهرة دى و وثقوها فى السجلات الفلكية للمعابد .
دى رؤيتى الشخصية للمشهد و ليست معلومة مؤكدة . الطريقة الوحيدة للتأكد هى إننا نرجع للمتخصصين فى الفلك , لأن الكسوف و الخسوف له دورة محددة يعرفها الفلكيين و هم اللى يقدروا يأكدوا أو ينفوا الفكرة دى .
منظر الشمس السوداء المُجنَحَة فوق عين الـ “وِجات” هو أفضل رمز ممكن نستخدمه فى الترويج و الدعاية السياحية لمدينة الأقصر أثناء الحدث الفلكى اللى هيحصل يوم 2 أغسطس 2027 . و لو بنفكّر نعمل احتفالية فنية فى الليلة اللى هتشهد الكسوف أكيد مش هنلاقى أفضل من أسطورة فقدان عين حورس و استعادتها كاملة بمساعدة تحوت . الأسطورة مسجلة فى أكتر من مصدر منها بردية “شيستر بيتى” , و ممكن يتعمل لها إعادة صياغة و تتقدم فى صورة سلسلة من الإستعراضات مصحوبة بموسيقى 🎶 .
تخيّلوا العين بعد ما اقتلعها سِت و دفنها فى الأرض و هى بتطلع من التراب فى صورة زهرة لوتس أوراقها بتفتح و يخرج منها النور 👁🪷☀️ .
