
محمد عبدالرحمن
٢٧ نوفمبر ٢٠٢٥
الزمان: عام 1943، خلال الحرب العالمية الثانية.
المكان: الهند البريطانية، وتحديدًا إقليم البنغال الشرقي (بنغلاديش حاليًا).
في ذروة الحرب، اجتمعت حكومة الحرب البريطانية في لندن لمناقشة المجاعة الطاحنة التي كانت تضرب البنغال، حيث كان الملايين، غالبيتهم من المسلمين، يموتون جوعًا في الشوارع والقرى.
لكن رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل ، وبدم بارد، رفض تقديم أي مساعدة غذائية لهم. وقال بوقاحة صادمة:
“إن تجويع البنغاليين الجياع أصلًا ليس بخطورة تجويع اليونانيين الأصحاء.”
لكن الحقيقة أن المجاعة لم تكن “كارثة طبيعية”، بل جريمة من صنع الإنسان البريطاني.
فقد كانت بريطانيا تحتل الهند ، وتنهب خيراتها بشكل ممنهج. وبحسب الوثائق الرسمية:
1) إن شح المواد الغذائية في الهند آنذاك كان نتيجة استحواذ البريطانيين عليها وتصديرها الى بلادهم والى جبهات الحرب المختلفة ، وكانت الهند قد صدرت اكثر من 70 الف طن من الرز الى بريطانيا في الفترة المجاعة .
2) طبّقت سياسة “الأرض المحروقة” في المناطق الساحلية من البنغال خشية اجتياح ياباني، فقام الجيش البريطاني بمصادرة القوارب التي يستخدمها السكان لصيد الأسماك ، وأحرق مخزون الأرز في القرى.
3) قُطع النقل بين الريف والمدن عمدًا ، لمنع وصول الغذاء إلى المتضررين.
تقول الباحثة الهندية “مادوسري موخرجي” في كتابها “حرب تشرشل السرية” أن بريطانيا امتنعت عمدًا عن إرسال الغذاء إلى البنغال ، رغم أن المستعمرات الأخرى (مثل أستراليا وكندا) عرضت إرسال مساعدات.
وقد بلغت الوحشية أن الأطفال كانوا يأكلون أوراق الأشجار والحشائش ، وتحولت جثث الموتى إلى غذاء للكلاب والضباع.
وتُقدّر الوفيات بأكثر من 3 ملايين مسلم بنغالي خلال عام واحد.
وفي الوقت نفسه، كانت بريطانيا قد خزّنت 18.5 مليون طن من المواد الغذائية لسكانها، الذين كانوا أقل عددًا من سكان البنغال، ولم يكونوا في خطر المجاعة أصلًا.
فماذا نرجو اليوم من أحفاد هؤلاء؟
كيف نرجو العدل من قومٍ هذا تاريخهم؟
كيف نطلب إنصافًا من قتلةٍ أمثالهم، والملايين من موتانا ما تزال عظامهم شاهدة على جرائمهم؟
وما أشد بؤس أولئك “المتخلفين” الذين يظنون أن هؤلاء المتوحشين الذين جاع على أيديهم ثلاثين مليونًا يمكن أن “ينصفوا” مجاعة في غز.ة أو أي مسلم.



