
محمد عبدالرحمن
١٨ نوفمبر ٢٠٢٥
صلاح نصر: “كل أجهزة المخابرات في العالم بتشغّل الستات في مهمّات خاصة، وأنا بعلن إنهم بيقدّموا خدمات للبلد محدّش من أذكى الجواسيس يقدر يعملها، وجمعوا معلومات أشطر المحترفين ماقدروش يوصلوا لها.”
الحقيقة إن صلاح نصر مبدأش حياته المهنية بالشيطنة اللي أنهاها بيها، لأنه في النص الأول من تأسيسه لجهاز المخابرات كان بيعمل فعلاً عمليات مهمة ساعدت الدولة.
زي مثلًا عملية “لافون” اللي كشف فيها مجموعة من الجواسيس الإسرائيليين في مصر.
عملية “لافون” كانت واحدة من أخطر وأغبى عمليات التجسس في تاريخ إسرائيل.
سنة 1954، مصر كانت لسه خارجة من الاحتلال البريطاني، وإسرائيل كانت مرعوبة إن بريطانيا والولايات المتحدة يعملوا تحالف مع مصر.
فالموساد قرّر يعمل خطة خبيثة جدًا:
قالوا “لو مصر شكلها بلد مش مستقرة، الأمريكان والإنجليز مش هيتعاونوا معاها!”
وعشان كده خطّطوا يفـ.ـ.ـ.ـ.ــ.ــجّروا أماكن تابعة لبريطانيا وأمريكا جوه مصر نفسها!
والخطة كانت إنهم يعملوا التفـ.ـ.ــ.ـ.ـ.ــجيرات ويسيبوا أدلة مزوّرة تدين المصريين علشان العالم يفتكر إن مصر بلد غير مستقرة.
وفعلًا حصل أول انفـ.ـ.ـ.ــ.ـ.ـجار في مكتبة أمريكية في الإسكندرية، وبعدها في القاهرة.
لكن يوم 23 يوليو 1954، واحد من أعضاء الشبكة وهو بيجهّز قنـ.ـ.ـ.ــ.ـبلة صغيرة… انفــ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـجرت في جيبه قبل ما يحطّها في المكان!
الناس مسكوه، ولما الشرطة فتشته لقوا معاه أدوات وأوراق غريبة جدًا.
وهنا بدأ شغل المخابرات المصرية اللي كان مسؤول عنها مين؟
بالظبط… صلاح نصر.
وكان الجهاز لسه جديد، ودي كانت أول امتحان حقيقي ليه.
بعد أيام قدر نصر يقبض على أعضاء الشبكة كلهم، وفي وقت قصير اعترفوا بالخطة بالكامل.
المحاكمة وقتها قلبت الدنيا، لأن مصر قدرت تعرض للعالم كل الأدلة.
وبسبب القضية دي حكومة كاملة استقالت في إسرائيل، وسقط وزير الدفاع بنحاس لافون… ومن هنا جت تسمية “قضية لافون”.
صلاح نصر خرج من العملية دي منتصر قدام الكل، وأثبت قوة الجهاز اللي بناه.
ومصر بقت ليها سمعة عالمية قوية في مكافحة التجسس.
ده كان شكل إدارة صلاح نصر لجهاز المخابرات في النص الأول…
لحد ما بدأ النص التاني لما اتعملت وحدة خاصة في المخابرات باسم “فتيات السيطرة”.
ومن هنا بدأ صلاح نصر يغيّر اتجاه شغله… من الخارج للداخل.
واستغل جدًا موهبة كانت عنده من وهو صغير… وهي التصوير.
فبقى مهتم إنه يوقع كبار السياسيين والفنانين، عن طريق إنه يستدرجهم ويصورهم في أوضاع مخلة يمسكها عليهم علشان يعرف يجنّدهم وينفّذوا طلباته.
وطبعًا بدأ يجبر فنانات إنهم يدخلوا في علاقات مع سياسيين كبار علشان يجيب منهم معلومات.
لدرجة إن اعتماد خورشيد — اللي اتجوزها غصب عنها وعن جوزها — قالت إن صلاح نصر سافر ألمانيا مخصوص علشان يتعلم الشـ.ــ.ـ.ـ.ـ.ــذوذ الجنـ.ـ.ـ.ــ.ـ.ـ.ـ.ـسي وإزاي يقدر يسيطر على أي حد، ست أو راجل، جنـ.ـ.ـ.ــ.ـ.ـ.ـ.ــسيًا علشان ينفّذ أوامره!
ومن كتر هوسه بالطريقة دي في التجنيد… لما عرف إن في علاقة بين المشير عبد الحكيم عامر وبرلنتي عبد الحميد، خاف إنها تكون جاسوسة وبتاخد معلومات من عبد الحكيم.
فقرر يتدخل بشكل صريح، وبقوا مايتقابلوش إلا بعلمه وفي الأماكن اللي هو يحددها ويأمنها بنفسه.
ده غير إنه عمل مراقبة دايمة لبرلنتي علشان يتأكد إن مافيش أي تواصل بينها وبين حد برا.
هنا اتحوّل صلاح نصر من رئيس جهاز مخابرات… لراجل مهووس بتجنيد الستات علشان يسيطر على الناس.
غير طبعًا الرعب اللي كان في مصر بسبب رجّالته اللي كانوا بيدخلوا البيوت فجأة وقت الفجر يقبضوا على أي حد بحجة إنهم خطر على الأمن العام… ويبدأ تعـ.ـ.ـ.ــ.ـ.ـ.ـ.ــذيب بشـ.ـ.ـ.ــ.ـ.ـ.ـ.ــع من غير ما يعرفوا هما بيتعـ.ـ.ـ.ــ.ـ.ـ.ـ.ــذّبوا ليه أصلاً!
بعد نكسة 1967 واحتلال إسرائيل سيناء، وفي وسط التساؤلات عن المسؤول عن الهزيمة، تم إقالة قائد الجيش عبد الحكيم عامر وأعلنوا انتـ.ـ.ـ.ــ.ـ.ـ.ـ.ــحاره في بيته.
وبعدها أمر عبد الناصر بمحاكمة صلاح نصر… وخد حكم مؤبد.
لكن ماكملش الحكم لأن السادات أفرج عنه يوم 27 أكتوبر 1974 بعفو رئاسي.
وخروجه كان عقاب من نوع تاني…
لأنه كان مكروه في مصر كلها، والناس احتقرته وتجاهلته لدرجة إنه وقف في مستشفى المعادي بسبب إن محدش مهتم بيه وقال:
“أنا صلاح نصر! وهما عاوزين يقتـ.ـ.ـ.ــ.ـ.ـ.ـ.ــلوني!”
وفي النهاية توفى سنة 1982 بعد صراع مع المرض بسبب جلطة في الشريان التاجي حصلت له سنة 67.



