
محمد عبدالرحمن
٨ نوفمبر ٢٠٢٥
نقلا عن الاستاذ الدكتور لؤي محمود سعيد بتصريح منذ بضع سنوات كنت مشاركا في مؤتمر بالمنيا، وبعد أن انتهيت من مداخلتي، اقترب مني بعض من أهالينا البسطاء الرائعين ليظهروا شكرهم وامتنانهم لكلماتي المتواضعة. ثم فوجئت بأحدهم وهو يصافحني بحرارة يسألني على استحياء، وبعد أن عرف أنني أعمل بمكتبة الإسكندرية: “هل مسموح لي بزيارة المكتبة؟” فتعجبت من كلامه وقلت: بالطبع من حق أي مصري زيارة هذا الصرح الثقافي. وسألته باندهاش: وما الذي قد يحول دون زيارتك؟ فأجابني بصوت منخفض على استحياء مشيرا لهيئته المتواضعة: لربما منعوني من الدخول بسبب جلبابي وهيئتي الريفية. فأنا لا أستطيع أن أشتري “ملابس البهوات” لدخول المكتبة. فوجدتني بصورة لا إرادية أضمه إلي مقبلا رأسه، وقلت بتأثر: هذه المكتبة قد بنيت أصلا لك ولأمثالك من المصريين الحقيقيين، الذين يعتزون بثقافة بلادهم وتراثها، والذين يسعون للاطلاع عليها وعلى ثقافات العالم باعتبارها “نافذة لهم عليها”. وبالقطع لم ولن تكون مكتبة الإسكندرية مجرد ملتقى مغلق لصفوة المثقفين. فالتمعت عيناه بالسعادة والرضا، ثم واصلت كلامي: “هذا هو رقمي الشخصي، فإن قررت زيارة المكتبة أنت أو أي من أهلك أو أصدقائك، فاعلم أن لك بها أخا وصديقا ينتظر قدومك بفارغ الصبر”.
تذكرت هذه الواقعة بعد هذا الجدل المستفز الواسع بالأمس بشأن زيارة بضع من أهالينا للمتحف المصري الكبير مرتدين أزياءهم الشعبية الجميلة، مع مطالبات عجيبة من البعض بحظر الدخول بهذه الملابس!!! عندها فقط أدركت سبب خشية هذا الرجل المنياوي الجميل ارتياد صروح بلاده الثقافية بزيه المصري العريق، وقلت في نفسي له: “يبدو يا أخي أنك تفهم نفوس هؤلاء المتثاقفين أكثر مني”.



